أهمية الكتاب الرقمي




يعد الكتاب الرقمي ثورة علمية يمكن أن تغير مسار التاريخ في القرن الحادي والعشرين، أكثر مما غيره اختراع المطبعة، إذ أصبح الكتاب الرقمي  (الإلكتروني E.Book ) في متناول اليد، سهل النشر، سهل التوزيع والحصول عليه، سهل القراءة والاطلاع، وما الكتاب الرقمي في الواقع إلا مادة علمية؛ من حروف وصور وتقارير وإحصاءات، محفوظة في نوع ما من أنواع كثيرة من الملفات، ويمكن بعد ذلك الحصول على هذا الكتاب الرقمي من موقع عبر الشبكة العالمية، وثمة مواقع لا تتيح تنزيل الكتاب الرقمي عبر الشبكة إلا مقابل مبلغ معين، وثمة مواقع أخرى كثيرة تسمح بتحميل مئات الكتب الرقمية من غير مقابل، وهناك بعد ذلك كتب رقمية محفوظة على أقراص ليزرية، جيدة الحفظ والتخزين، ويمكن قراءة الكتاب الرقمي عليها في أي وقت، ويصبح ملكاً للجميع، أي إن الكتاب الرقمي يحقق التواصل بين الأفراد والشعوب، ويساعد على تبادل العلوم والمعارف والتجارب والخبرات، بتكاليف أقل، وبغياب كبير للرقابة والسلطة، وبممارسة كبيرة للحرية بكل أشكالها وأبعادها، مما يتيح إمكان المطالعة والتثقيف والبحث عبر القارات من غير حدود ولا حواجز.
وسوف تظهر نتائج إيجابية خلال السنوات القادمة، فسوف يتفجر كَمٌّ كبير من المعلومات والحقائق، وتصبح معظمها بين أيدي الناس وتحت أنظارهم في أي وقت شاؤوا، ليستثمروها ويستفيدوا منها، وينشئوا عليها البحوث، وهو ما سيقود إلى التلاقي بين الأفراد، والتلاقح بين الأفكار، ويستطيع المرء وهو قاعد في بيته أمام الحاسوب أن يعرف كل شيء وأن يرى كل شيء وأن يعبر عن كل ما يريد.
ويختلف الكتاب الرقمي في ميزاته وخصائصه عن الكتاب الورقي في نقاط كثيرة، أهمها:
1.      الحصول على الكتاب من غير ثمن أو بثمن زهيد جداً.
2.      سهولة قراءة الكتاب على الحاسوب، إذ يمكن، في كثير من الحالات، تغيير حجم الحرف، والتحكم في درجة الإضاءة، بما يريح القارئ.
3.      إمكانية نسخ بضعة أسطر من الكتاب، أو صفحة، ولصقها في ملف آخر، لاستعمالها شاهداً أو مقبوساً، وإن كانت بعض الأنواع من الملفات لا تتيح ذلك.
4.      طباعة عدد من صفحات الكتاب على ورق، أو طباعة الكتاب كله، وإن كانت بعض الكتب الرقمية لا تسمح بذلك.   
5.      الوصول إلى الفكرة المطلوبة في الكتاب، باستعمال أداة "البحث" وبوساطة كلمة واحدة، للوقوف على المواضع المطلوبة من الكتاب.
6.      الاستغناء عن قراءة الكتاب كاملاً، وتوفير الوقت والجهد.
7.      حفظ ملايين الكتب في حيز محدود جداً في الأقراص الليزرية أو الأقراص الصلبة Hard)) المدمجة داخل الحاسوب أو الأقراص المحمولة المستقلة عنه.
8.      الاستغناء عن المكتبات والرفوف والخزائن وتوفير الأماكن.
9.      حمل ملايين الكتب في السفر والرحلات والانتقال بها من مكان إلى مكان بيسر، مما يعني توافر الكتاب في أي مكان أو زمان، وتبادل الكتاب بين القارات عبر الشبكة العالمية.
10. سرعة القراءة والتأليف والتوثيق، وتحقيق ثورة علمية ومعرفية.
ومن الممكن رصد اتجاهين اثنين في الكتاب الرقمي، الاتجاه الأول هو إعادة برمجة الكتب الورقية المطبوعة، وإدخالها في الحاسوب، وتحويلها إلى كتب رقمية، ووضعها في الشبكة، أو نسخها على أقراص ليزرية، والاتجاه الثاني هو تأليف كتب على الحاسوب مباشرة، وتخزينها في الشبكة العالمية، من دون المرور بحالة الطباعة الورقية، وسوف يميل أكثر الكتاب في المستقبل القريب إلى الاستغناء عن النشر الورقي، والاكتفاء بالنشر الرقمي، بوضع مؤلفاتهم في الشبكة، وهم يستغنون بذلك عن مشكلات النشر الورقي المعروفة، بما فيها من تكاليف، وسوء توزيع، وضعف انتشار، وسوء المردود، واستغلال أصحاب دور النشر، وسيحقق النشر الرقمي للكاتب سعة الانتشار في العالم كله، وسرعة التواصل، وتحقيق التأثير المباشر، ولكن سوف يخسر المؤلف في هذه الحالة التعويض المادي، ولكن بإمكانه وضع كتابه الرقمي في موقع لبيع الكتب الرقمية، ويجني تعويضاً مادياً، وقد يُظَنّ أن الكتاب سيتعرض في مثل هذه الحالة إلى السرقة، أو النقل والاقتباس من غير إشارة ولا توثيق، ولكن هذه المشكلة قائمة في الكتاب الورقي نفسه، ويمكن معالجتها في الكتاب الرقمي إذ إن بعض الأنواع من الملفات المصورة الثابتة تسمح بالقراءة، ولكنها لا تسمح بالاقتباس أو النسخ.   
وكثيرة هي الكتب العربية التي تم تحويلها من كتب ورقية إلى كتب رقمية، وفي مقدمتها كتب التراث العربي، وتضم كتب التفسير والحديث وعلوم الدين والفقه والشريعة، والمعاجم واللغات ودواوين الشعر وكتب الأدب والنقد، وكتب التاريخ، وثمة أقراص ليزرية كثيرة، يضم بعضها الألوف من المصنفات، من مثل المكتبة الشاملة، وموسوعة الشعر العربي، وموسوعة الحديث، والمحدّث، ومعجم المعاجم، ومكتبة الاسكندرية وتقع في أربعة وثلاثين قرصاً ليزرياً من نوع DVD، وغيرها كثير.
 بالإضافة إلى ما تحفل به المواقع الرقمية من ملايين الكتب، في شتى أصناف العلوم وأشكال الثقافة، من الطهو في المطبخ وصنع المعجنات إلى إجراء عمليات القلب المفتوح وصنع القنابل الموقوتة، ومن تربية النحل والطيور إلى بناء المنازل والسفن والقلاع.
ويلاحظ على هذه الكتب ما يلي:
1. لم يخزّن أكثرها بنظام pdf، مما يجعل من السهل التغيير فيها والتحوير.
2. حافلة بالأخطاء في الإملاء والضبط بالشكل.
3. لا تعتمد في البرمجة على كتب محققة تحقيقاً علمياً.
4. أرقام الصفحات في أغلبها لا تتفق وأرقام الصفحات في الكتب المطبوعة، ولا سيما الطبعات المعتمدة علمياً.
5. لا يمكن الاعتماد عليها في البحث العلمي لأن معظمها غير موثق.
6. إصدار الأقراص غير موثوق، إذ إن أكثر الأقراص ليست أصلية، وهي منسوخة نسخاً غير شرعي ولا نظامي.
7. غياب حقوق البرمجة والطبع والنسخ.
8. ندرة الكتب العربية أو المترجمة في مجال العلوم الحديثة.
وبالمقابل ثمة كتب رقمية مخزنة بصيغة pdf  فيحافظ الكتاب على الصفحة ورقمها، ويحول دون التغيير والتحوير، ويساعد على التوثيق، ومن الممكن الإشارة على سبيل المثال إلى كتب سلسلة عالم المعرفة الكويتية فهي مطبوعة ورقياً، ومخزنة بصيغة pdf على أقراص ليزرية.
ولكن على الرغم من كل ما تقدم فإن مشكلات أخرى كثيرة ما تزال قائمة، وأهمها:
1.  عدم اعتماد الجامعات ومراكز البحوث الكتب الرقمية وعدم الموافقة على إدراجها في المصادر.
2.  ضعف الخدمات الحاسوبية والشبكية والرقمية، وما تعانيه من بطء وانقطاع وأعطال.
3.  غلاء الاشتراك في المخدّمات أو مزودات الخدمة (server) قياساً على دخل المواطن العربي.
4.  عدم انتشار التعامل مع البرامج الرقمية.
5.  غياب الوعي الرقمي وعدم انتشار الثقافة الرقمية.
6.   تبيع بعض المواقع كتباً رقمية مقابل مبلغ مالي، ولكن معظم الدول العربية تعاني من غياب خدمات التحويل المصرفي، أو صعوبتها.



No comments